• الموقع : المجلس الإسلامي العربي .
        • القسم الرئيسي : بيانات ونشاطات .
              • القسم الفرعي : مقالات .
                    • الموضوع : فقه الرأي و الرأي الآخر للسيد محمد علي الحسيني .

فقه الرأي و الرأي الآخر للسيد محمد علي الحسيني

*السيد محمد علي الحسيني

 

ليس هناك من دين او نهج فکري أو فلسفي سائد في العالم يمکن أن يضاهي الإسلام في تأکيد‌ه على التدبر والتفکر قبل اتخاذ أي قرار، بمعنى أن الإسلام قد شدد في دعوته على التمعن و التأمل قبل اتخاذ أي موقف، فهو لايريد نهج"إنَّا وجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وإنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ" کما قال أصدق القائلين، وهو يرفض أولئك الذين يصنفون ضمن"أفلا يتدبرون القرآن  أم على قلوب أقفالها"، بل إن الإسلام يريد بإصرار أناسا يصنفون ضمن ما قاله أمير المؤمنين علي عليه السلام "النوم على يقين خير من صلاة في شك"، فكل إنسان له الحق في التعبير وإبداء الرأي وهذا لاشك يعني أننا سنكون أمام آراء مختلفة ومتنوعة، وهو أمر مهم للغاية، لأن التعدد يخلق حالة من النضوج ويفتح المجال أمام فهم أعمق للوصول إلى الحقيقة، ولكن ينبغي أن يكون هذا التنوع

 

*التوازن والاعتدال في الرأي لغة الإسلام*

 

إن عناصر الاختيار التي خلقها الله في تكوين الإنسان متوازنة و متعادلة، و مثلما له عوامل عضوية"طعام، مشرب، منام" وغريزية"حب الذات و الغرور و ما إليها" المدافة  في الجانب النفسي، فإن قوة التحاجج و النقاش مداف أيضا في الجانب العقلي له، وان الخيار والقرار النهائي هو لکيفية ترتيب واصطفاف جانبي المعادلة، فکلما مال الإنسان للجانب العقلي فإن قراره و موقفه يکون الأصوب، وکلما مال للجانب النفسي فإن قراره وموقفه سيکون في غير محله، وبالتالي فإن موقفه لن يکون صائبا، فلذلك لابد ألا يكون الرأي ميالا للهوى كما قال تعالى:" وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ"،وإننا نعتقد بأن الجماعات و الأحزاب المتطرفة تميل إلى غلبة الجانب النفسي على العقلي، ولذلك فإنها تظهر الإسلام بمظهر العاجز أو المفتقر لقوة المنطق والحجة، وفي هذا ظلم و تجن فاحش على الإسلام و عمقه الفکري التحرري.

 

*بالدليل والبرهان..الإسلام يعترف بالاختلاف ويدعو إلى احترامه*

 

إستحضار نماذج تاريخية ولاسيما من العهد المبارك للرسول الأکرم"صلى الله علیه وآله وصحبه وسلم"، فإنها يجب أن تکون کمنهاج ونمط عمل وتعامل لنا مع الآخرين الذين يخالفوننا، ذلك أن النبي الأکرم"صلى الله  علیه وآله وصحبه وسلم" بعد أن استقر في يثرب"المدينة المنورة"، صار يمتلك زمام الأمور کلها، فإنه لم يبادر لإجبار المنافقين و إکراههم على الإيمان و الطاعة، وإنما کانت لهم الحرية في ما يرون و يعتقدون"لكم دينكم ولي دين". 

إننا نعتقد بأن الإسلام أعلى کعبا وأرفع مقاما من أن يفتقر إلى المنطق والحجة في مناقشة و مجادلة المخالفين له، بل إن سر عظمة الإسلام تکمن في کونه قد جمع تحت جناحيه کل الأديان و الطوائف والأعراق، وکفل لهم سبل العيش والتواصل و نبذ کل أسباب الفرقة والاختلاف والتناحر، وإن مدرسة أهل بيت النبوة"ع" والصحابة الكرام، قد کانوا أکثر من أسوة حسنة لنا في هذا الإطار، خصوصا وأنهم کانوا يردون السيئة بالحسنة و يواجهون الرأي بالرأي و يخفضون الجناح لمخالفيهم ويجادلونهم بکل لطف وأدب وخلق، والأجدر بنا أن نعود إلى النبع و المصدر الصافي ونترك وراء ظهورنا هؤلاء الذين ظهروا فجأة و يسعون للخلط بين الحق و الباطل من أجل مصالح وأهداف خاصة متعارضة ومتناقضة مع الإسلام وقيمه السمحة ومبادئه النيرة.

صحيفة مكة


  • المصدر : http://www.arabicmajlis.com/subject.php?id=2415
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 03 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20